الرياء المنمق
يمنات
ماجد زايد
في منتصف آذار/ مارس الفائت تلقيت أنا ومجموعة من الشباب المثقفين والناشطين دعوة لزيارة الوزير السابق خالد الرويشان في منزلة بصنعاء ، شدتني الدعوة ، تحمست كثيراً لأجلها ، الرويشان شخصية ثقافية جبارة تستحق الجلوس في حضرتها والنقاش ، يا لحظي الجميل ! يا لأمنيات المثقفين حين تصبح حقيقة ! وأخيراً سأناقشه عن ركاكة “الوردة المتوحشة” ، هل يُعقل أن يكون كاتبها هو خالد الرويشان ؟ لا يعقل هذا ، ذلك محظ إفتراء في حق هامة الثقافة الأول في اليمن.
لا يعقل حقاً أن يكتب أديب بدرجة وزير هذا النص بملامح المراهقين المبتدئين “الصُّدفة لؤلؤة الوقت. الصُّدفة انعتاق. الصُّدفة اكتشاف. الصُّدفة ملاذٌ من العواطف المبرمجة، والرؤوس المعلبة”.
أجهدت نفسي كثيراً في التحضير للنقاش والتفاصيل المهمة التي سأخوض فيها مع المثقف العظيم والمتواضع ، قمت بتدوين الكثير من الأسئلة والأستفسارات والملاحظات والشخصيات والأراء للحديث ، قمت بترتيب نفسي جيداً ، قائمة أوراقي وأسئلتي جاهزة ، قائمة أوراقي تحمل الكثير والكثير من العصور والإفترائات والشكوك والخيالات والغموض والحقائق الكارثية.
حَملت بجعبتي حقيبة أستقصائاتي للحديث والتقصي عن “الوزير المثقف..عنتر شايل سيفه” للصحفي والمثقف الأستاذ سالم ناشر المنشور في2017.03.27 والمتضمن للكثير من الإتهامات والفساد والغموض والإنحرافات السابقة للرويشان . وعن مقال الدبلوماسي اليمني السابق الأستاذ الدكتور عادل باشراحيل المنشور في 2016.03.30 بعنوان “الرويشان المؤتمر العفاشي” والذي أتهم فيه الرويشان بالفساد والنصب والإحتيال وهو يشغل منصب وزير للثقافة.
أيضاً عن البرجوازية التقليدية هل ستتلاشى من واقعنا وتأتي بدلاً عنها طبقة تاريخية جديدة ؟
وعن الموروث الفني اليمني وسنين النهب الممنهج للفن اليمني ، من يتحمل مسؤلية ذلك . وعن الواقع والوطن والحرب والشباب والدور السياسي والمثقف والقادم وكيف نصنع ومن أين نبدأ وعن أشياء كثيرة .
كنت مُدججاً حقاً بالرغبة العظيمة للحديث والتناولات والإستعراضات مع أعظم مثقف أذهل الجميع في صفحات الفيسبوك.
عند الرابعة عصراً وصلنا شارع الخمسين وأضعنا الطريق ، لم نستطع بالفعل تحديد موقع المنزل ، أتصلنا ببعض الشباب الذين سبقونا بالذهاب لكنهم لم يجيبوا ، يا للحسرة هم الأن يخوضون في الحديث والنقاش ونحن هنا لازلنا تائهين نسير في متاهات شوارع مليية بالقاذورات !!
قررنا أن نسأل أي شخص نجده في طريقنا عن منزل الوزير خالد الرويشان ، بالتأكيد سيكون معروفاً لدى الجميع ، قال مروان “اللي يسأل ميتوهش” ومنزل الرويشان نار على علم في زحمة هذه القاذورات ، أستوقفنا مواطناً عادياً رثاً شديد الغبار وسألناه .. أين هو منزل خالد الرويشان .. قال مدري والله معلم .. قال أحد الأصدقاء بيت الوزير المثقف خالد الرويشان ، أشهر واحد في الفيسبوك ، قال منو هذا الرويشان ، ما نعرفهش ، أو يمكن قد نقل !!
مشينا قليلاً ووجدنا فله محترمة لها حراس ، قال مروان أصحاب الفلل يعرفوا بعض ، أكيد يعرفوا بيت الرويشان ، أقتربنا وسألناهم عن منزل الرويشان ، بمجرد سماعهم لهذا الأسم تغيرت ملامحهم معنا .. ما تشتوا من هذا ، قالوها بطريقة يملئها الإزدراء ، قالوا لا ما نعرفهش ريحوا لكم بحجر الله من هانا.
أستطرق مروان وقال لا حل لنا سوى الاتصال ، أتصلنا لأحد الشباب هناك مجدداً وفعلاً أجاب علينا هذه المرة وقال أسئلوا أي شخص بيرويكم البيت ، صرخ مروان بالهاتف .. لا أحد هنا يريد مساعدتنا وكأنا ضيوفاً عند أبليس .. ما هذا العالم المتخلف ، معقول هذا ، خلاص بقلكم ، بعدها دلنا على الطريق وعنوان المنزل.
وصلنا وقد نال التعب والشمس والغبار منا ، نال من ملامحنا ورغبتنا المتحمسة ، دخلنا حوش المنزل مروراً بالبوابة و أحد الحراس ، تبدو على الحارس ملامح الحياة القبلية والقروية ، لم يكن في حالة رضاء عن نفسه وعلينا ، شخص أخر قام بإيصالنا الى الباب وقال أدخلوا المجلس تحت في البدروم.
وصلنا أخيراً !!
مررنا ببهو المنزل والمكتبة العظيمة .. هذه أذاً المكتبة المنمقة شديدة الترتيب التي يقولون عنها هدايا من معارض الكتاب المتعاقبة في عهده المبارك ! شيء عادي أن يحصل وزير الثقافة على هدايا ، نيا للرويشان ، يملك مكتبة عظيمة هي إحدى أحلامي الكبيرة ! ليتني أستطيع إستعارة الكتب منها !!
أصمت يا ماجد لا تكونش غبي في حضرة كبار المثقفين.
وهناك عند القلب أعلى المجلس البعيد رجل شديد البياض والتنسيق ، يرتدي ثوب شديد البياض وعلى يمينه ويساره يجلس الكثير كأن على رؤوسهم الطير من الخشية والخشوع ، يا سلام على هذا المكان الثقافي الهادئ الجميل ، يا سلام على هذا البهو والكتب ، وقتها تذكرت منزلي الحزين وغرفتي ذات الجدران المشققة ومكتبتي الرديئة ، أنا حقاً أعيش في وكر للصراصير مقارنة بهذا المكان الفخم ، أنا مجرد صعلوك مشرد يدعي أنه يجيد القراءة والكتابة ، هززت رقبتي وأزلت أحاديث اليأس من رأسي وتقدمت في أخر صف المتقدمين ، سلمنا من اليمين وأعطيت الجميع من وجهي إبتسامة عريضة كأنها تقول لهم .. أنا سعيد لأني معكم يا مثقفين وفي حضرتكم ، أتمنى أن تتقبلوا صداقتي لكم ، لست عند المقام لكني أتشوق لمجالستكم لأنكم قدواتي الاوائل في الثقافة والمعرفة والفن والجمال ، سار الصف سريعاً وجاء دوري لأسلم على خالد الرويشان ، أخيراً أنا أمام أشهر المثقفين ، يا سلام يا ماجد ما أسعد لحظاتك لأنك في حضرته !!
إنتهى السلام والترحيب
وجلست على يسار الرويشان ، بدأت أنا بالحديث والتشكرات والإطراء وبدأت بالتعريف الشخصي عن نفسي وبقية الشباب معي ، عرفت عن نفسي بأختصار وبدأت الحديث عن البقية سريعاً لكي نستغل الوقت في ما جئنا لأجله ، وفجأة أشار نحوي بيده أن أصمت ، دعهم يتحدثون عن أنفسهم .
سكتْ وتركته يتعرف عليهم بنفسه ، كان يسأل عن كل شيء ، ومع كل أجابة عن جغرافيا المناطق للشباب يتحدث عن زياراته ومعرفته ودرايته بتفاصيل تلك المنطقة وعشقه لها ولطيبة أهلها وكل شيء ، إب ، تعز ، حراز ، ريمة ، السلفية ، السياني ، صبر ، حراز…..الخ
ظل يتحدث مع الجميع عن خبرته تلك وأنا أتأمل طريقة حديثة بصمت ، لم أكن أتخيل أنه يتحدث المصرية بهذا الشكل الرديء والمكسر ، هو من خولان أكثر الديموغرافيات بعداً عن مصر ، عجيب حقاً هذا الأمر !!
ظل يتحدث منفرداً عن تجاربه في هذا البلد، ونحن ننصت فقط ، قال مفيش امل بدي البلد ، تصدئوا بالله النهارده في الصباح خرجنا بالسيارة واحنا بنمشي بالطريق حصلنا واد ماسك كلب وبيخنئو ، أي ده ، أيه التوحش ده ، وقفنا السيارة ونزلنا وقلنا للواد فك الكلب ، مرضيش ، فك الكلب ، مرضيش ، ركب الواد دماغه وعم يخنئ الكلب أكتر واكتر ، تصدئوا جبنا للواد خُمس مية ولا وافق يفك الكلب ، زودناها للالف وبعدين اجا اب الواد ووافقو يخدو الفلوس ويفكو الكلب.
اصلا مقدرتش اشوف الكلب يموت واسكت.
تصنع الحاضرون الحزن والذهول من إنسانية الرويشان وأنا أستغربت وتحدثت في نفسي مجدداً ، هذا لا يعقل ، لا يعقل بتاتاً ، ما شأننا والكلب ، لماذا يحدثنا عن هذه الأمور السخيفة.
وفجأة رفع صوته وقال: أهلا بيكم ، أنتم أمل البلد ديه ، وظل يتحدث ويتحدث وأنا أتامل نحوه بذهن شارد حتى سمعتهم يقولون ، ماجد دكتور يعرف الكودائين والكافائين ، ماجد ماجد ، أهاا نعم أيوه ، ما له الكودائين والكافائين ، الأستاذ خالد يسأل ، التفت نحو خالد الرويشان وهو يسألني أنت دكتور والاّ صحفي ؟ أجبته أنا معي بكالوريا صيدلة وطالب بكالوريا صحافة ، قال ليه ده العصيد ، قلت عموماً بالنسبة للكودائين والكافائين بالفعل هي مادتان تضافان للمحاليل المقشعة التي تزيل البلغم لمفعولهما المقشع .
نظر اليّ الرويشان نظرة غريبة ، حدثت نفسي ، ما باله ينظر اليّ هكذا ، ليس ذنبي أنني درست الصيدلة والان أدرس الصحافة ، وددت أن أخبره انها أمي من أرغمتني على دراسة الصيدلة لكنه على ما يبدو لا يطيقني ، سأصمت لاغير .
أستمر خالد الرويشان بالحديث وهذه المرة باليمني تحديداً الطريقة الخولانية .. تعلمون يا شباب كم حجم التفاعل في صفحتي ، بالالاف وأحياناً عشرات الألاف ، يذهلني الجمهور الذي يحبني ، لا أستطيع أن أوفيه حقه ، يغمرني بالشكر والحب والإمتنان والرسائل ، أنا حقاً أصاب بالدهشة من حجم حب الناس لي مع أني في الفيسبوك أكتب بطريقة سريعة دون إعتناء بالجانب الأدبي المتماسك في النص ، كتاباتي في الفيسبوك تلاقي قبول كبير جداً جداً مع أني أكتبها بشكل عادي.
وفجأة طلب أحد الشباب من خالد الرويشان أخذ صورة جماعية معه ، قال تمام ، بس لحظة أتسبر ، أخفى ملامح القات في وجهه وأخذ وضعية أفضل وقال يالله بأمكانك أن تصورنا ، وبينما المصور يصور تحدث الرويشان ، أنت مصور أها ، ملامحك تقول ذلك ، يبدو أنك محترف في التصوير ، هذا يبان من حركاتك.
هل أنتهيت ؟ قال نعم ، قال الرويشان لماذا لا تخزن ؟ قال المصور انا لا أخزن الاّ أحياناً ، يجب عليك أن تخزن معنا اليوم ، خذ هذا القات وخزن معنا ، أخذ المصور القات وعاد الى مكانه والجميع يسألونه متى وكيف ستعطينا الصور ، هذه صور مهمة جداً ، وأنا في مكاني شارد أحمل جعبة الأسئلة والنقاشات وقد أصبحت يائس ، لا جدوى ليسمعنا ، كلما هممت بالحديث قاطعني.
عاد خالد الرويشان للثرثرة بمفرده فينا وهذه المره أخبرنا أن أبو بكر سالم فنان جميل أصيل وأصله من اليمن ، أبدينا علامات الإستغراب ، لم نكن نعرف أنه من اليمن بالمناسبة ، ظل يتحدث ويتحدث وأنا أتامل وأتحدث مع نفسي..
لماذا يتكلف في الكلام بهذا الشكل ؟!
لماذا يتحدث اللهجة المصرية بطريقة مكسرة ؟! لماذ يُسكتني بغرور ؟! هو في الستين من عمره ، لماذا يبدو متصابياً في وجهه مسحوق مبيض ؟! ماذا يحاول أن يخبرنا به بطريقته الصفراء هذه ؟! قليلاً قليلاً عادت ذاكرتي الى قصة كنت قد قرأت عنها عشرات المرات ، هي تشبه ما يدور حولي الأن ..
ففي الخامس من آذار/ مارس 1953 توفي جوزيف ستالين في منزله الريفي، خارج موسكو، وتقول الشائعات بأن الزعيم السوفييتي تُرك تحت رحمة أعوانه دون علاج حتى مات فقط لأنهم سئموا الخوف من قائدهم الشديد.
بناءاً على ذلك أصبح خروتشوف الرئيس الفعلي للحزب الشيوعي الماركسي هو المنوط الأول بتسيير الأمور السلطوية الى حين أجتماع أعضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ومجلس الوزراء وهيئة رئاسة مجلس السوفيت في اجتماع مشترك لأختيار قائد جديد خلفاً لستالين.
في تلك الأثناء كان خروتشوف أكثر المهتمين والطامحين بتزعم قيادة البلاد خلفاً لـ ستالين ، قام لأجل ذلك بدعوة الصحفيين والمصورين والكثير من المثقفين بعد أن أهتم بمظهره وشكله الأنيق الكاريزماتي ليحدثهم عن نفسه وطريقته الماركسية الناضجة في القيادة ، قام بالعفو عن الكثير من المعتقلين السياسيين بتوصية من بيريا وزير الداخلية الذي قام باعتقالهم وبتوصية إعتقالهم إبان ستالين.
كان خروتشوف دائم الحديث عن الحرية والعدالة والمساواة وأحقية الطبقة البروليتارية بالحياة أمام مجاميع الصحفيين والمصورين والمثقفين الذين كان يدعوهم للقائات.
أنا الأن في حضرة خروتشوف جديد !!
يتباهى ويتكلف وفي وجهه الكثير من المبيضات ، هو بالضبط يحاول التمظهر أمامنا بكاريزما المذهل والتكنوقراط الأكفئ ليصل عبرنا وعبر من يأتي لشيء ما ، ذلك يترسخ مع الوقت والزمن.
وفجأة سمعت سماعات كبيرة تغني ، قام بتشغيل أغنية قديمة لـ أبو بكر سالم من تلفونه المتصل بمكبرات الصوت في مجلسه المرفه ، الجميع بجواري وأمامي يتصنعون المتعة بالأغنية ، يالله والروعة ! يا سلاااام !
تحملت فوق طاقتي صبراً ولا أستطيع الأستمرار هنا ، فجأة تحدثت وقلت:
يا أستاذ خالد .. أرى أن نستغل الوقت بالحديث معك ، ما رأيك أن تدعنا نتحدث ؟! أجاب عليّ .. تمام بس هذا فنان عظيم ، شخص أخر بجوار الرويشان قال دعهم يتحدثون يا أستاذ خالد ، رد الرويشان ، تمام ونظر اليّ وقال بالأول ذكرني أنت من ؟!
انا ماجد ، ومن ثم تحدثت بشكل منزوع الرغبة مليئ بالآ رضا وقلت:
أستاذ خالد جميعنا نتفق أن وضعنا السياسي قد وصل بنا نحو شرفة عريضة من اليأس ، لا نقوى على البقاء كالأطلال عندها ، جميع الشباب في هذا البلد فقدوا الثقة بالجميع ووصلوا حد اليأس من الجميع ، نحن منهم ، جئنا اليك للحديث والنقاش في ثلاث جزئيات أحداها للتعرف عليك وأخذ أجاباتك عن بعض الشائعات والاستفسارات التي أعددناها لك وخصوصاً مني والأخرى للحديث معك عن دور فاعل للشباب خلال هذه الفترة نحن نتطلع لأن نقوم به وقابلنا لأجلها الكثير من السياسيين والمثقفين وسنقابل أخرين.
قاطعني وقال : من قابلتم ومن ستقابلون ؟!
قابلنا فلان وفلان وفلان وفلان وسنقابل الدكتور حمود العودي والاستاذ عبد الباري طاهر.
قال من من ؟!
رددت عليه .. حمود العودي وعبدالباري طاهر وأخرين.
قال من أنتم ؟ ولماذا جئتم هنا ؟ أريد أن أعرف !! ومن ثم لماذا ستقابلون أشخاصاً منحطين كـ عبدالباري طاهر تنازل عن كل شيء للحوثي وقبل بهم ؟! هذا منحط وليس مثقف!!
تصدقون..
أقسم لكم كأنه طعن فؤادي بسيف كبير ، قتل فيني ما تبقى من رغبة للحديث والبقاء.
أعترف لكم أُصِبت بالعجم ولم أستطع الاستمرار في الحديث.
أستطرق شاب أخر بجواري الحديث بديلاً عني بطريقته وغير جوانب الحديث نحو الدين والأصوليات وكارثة السياسة حين ترتبط بالدين.
قاطعه الرويشان وسأله مجدداً من أنتم أخبروني ؟! أبتسم صديقي وقال أحنا شباب متطلعين لا غير ، إبتسم خالد الرويشان إبتسامة صفراء صغيرة وقال .. أبئوا أبلوني لو أنتو فلحتو.
أصيب صديقي أيضاً بالعجم ولم يقوى على الأستمرار في الحديث ، تدخل مروان من أقصى المجلس وبدأ يتحدث ويتحدث ويتحدث والرويشان ينظر إليه بطريقة غريبة.
وأنا أشاهد وأرى وأتأمل ، الأن فهمت الأمر ، نحن في مجلسه ، هو لا يقبل الحديث عن شخص سواه ، هذه هي الحقيقة أذاً ، تذكرت ماركس عليه السلام حين أطلق على أمثال هذا الشخص “ البرجوازي العفن ” واصفاً الفرد المنتمى لطبقة المنفصلين عن المجتمع والمتباهين على فلاحيه ، ناهيك عن محاولة الانعزال الديموغرافى عن بقية أفراد الشعب من الطبقات المتوسطة والعاملة وبالطبع طبقة الكادحين، وهو ما عاصرناه ونعاصره على مدار كل السنوات ، ولقد صدق أمين حمزاوي يوم قال ” ابتعد عن تلك الحشرات إلى مكان هادىء يخلو من ضجيجها ”.
يضيف أمين حمزاوي:
في زمن هذه الطبقة البرجوازية سيطروا على الحكومات المتعاقبة بصورة مفجعة، حتى تكاد تخلو الحكومات من أي فرد اختير على أساس الاختصاص والكفاءة، ولابد لمعالي الوزير ( رجلا أو امرأة ) أن يكون واحدا من الأغنياء بالأحرى من البرجوازيين ـ الذين هم على ما يبدو لا يعلمون أنهم كذلك!
هؤلاء يجتهدون ليل نهار لإقناعك بأنهم أبناء هذا الشعب وخدمه، حتى أن الأمر قد وصل فى بعض الأحيان إلى تعيين رجال أعمال أو “حيتان كبار” فى وزارات تختص بمصالحهم الاقتصادية والتجارية الشخصية، فلنعين مثلا صاحب مشفى استثمارى وزيرا للصحة، أو صاحب شركة مساهمة وزيرا للتجارة، أو صاحب توكيل سيارات كبير وزيرا للنقل!
وفى الدين: يقول ماركس عليه السلام عنهم “ البرجوازى مهمته أن يجعلك فقيرا ، وكاهنه مهمته أن يجعل وعيك غائبا ”
مابي أين أنا ؟! أين ذهبت ؟!
لا يجب أن أشرد عنهم ، لا يجب أن أذهب للتفكير بعيداً عنهم ، صحيح أنني غير راضٍ وأن توقعاتي ذهبت أدراج الوهم لكني لا يجب أن أفوت فرصة القرب من “برجوازي ممل”
عدت اليه مجدداً واذا به يثرثر منفرداً ، هذه المرة يتحدث عن الجنوب اليمني وأسرائيل ، ماذا يقول ، دعوني أخبركم:
لا أحد يقول بالأنفصال سوى الخونة ، الوحدة عندي أهم من داري وعرضي وما أملك ، أنا لم أقم بتهديد الجنوبيين بالقتال او الوحدة ، رأس الأفعى البخيتي شخص كاذب قولني ما لم أقل ، أن قلت أن الوحدة من أصول وأساسيات هذا الوطن ، لن نتنازل عن الوحدة لو كلفنا ذلك كل شيء ، بالمناسبة أسرائيل هي المستفيد الأول من إنفصال جنوب اليمن ، ده مخطط كبير لتقسيمنا ، أمبارح كتبت منشور بصفحتي على أسرائيل ، خشوا ناس كتير يقولوا تحيا أسرائيل ، أي ده ، راحت عروبتنا خلاص ، وين أيام زمان ، أيام حبنا للأقصى وفلسطين ، أنا لو أضحي بكل شيء ، لو يفجر الحوثيين بيتي ، لو يحبسوني ، لو أي حاجة ، مش هتنازل عن قضيتنا الاولى فلسطين وواجبنا لتحرير فلسطين.
طبعاً انتوا عارفين اني رحت مصر للدراسة وقعدت في مصر وشربت من نهر النيل ونهلت من ثقافة وعلوم أم الدنيا وكنت برفقة أستاذي وقدوتي وصديقي محمد حسنين هيكل نتحدث واصل عن اليمن والجنوب واسرائيل ، كان يحبني ويحب اليمن أد الدنيا ، كان يقلي يا واد يا خالد أنتبهوا ع بلدكوا.
ظل يتحدث ويثرثر بمفردة ونحن نستمع..
أمممـ النيل والقاهرة وهيكل يذكرني بماذا ؟! أمممـ ، نعم تذكرت ، فتشت الأوراق التي بجانبي وبحثت عن مقال الأستاذ سالم ناشر وشاهدت ما قمت بتحديدة بالخط الأحمر تحضيراً للنقاش مع الرويشان ، ظللت أقرأ ما كتبته في تلك الورقة من ضوء كلام ناشر .
ظللت أقرأ أوراقي متجاهلاً لما يجري.
أسئلتي بالخط الأحمر كانت عن الولد “المدلل” الذي إندرج في الوظيفة العامة وليست له أي إسهامات في حياة المجتمع, قصير النظر, منفوخ الاوداج, يدعي الثقافة وليست له علاقة بالثقافة, درس الادارة في القاهرة ولما لم يفلح عين مباشرة بعد عودته مديرا للثقافة بمكتب الرئاسة؟!
عن علاقة الولد “المدلع” كما كان يُطلق عليه موظفو مكتب الرئاسة بـ علي الآنسي الذي أكتشف في هذا الرويشان رقة المشاعر والاحاسيس العاطفية بحسب موظفي مكتب رئاسة الجمهورية لأنه كان يأتيه كل صباح ويشرح له كيف تغرب الشمس من على قبة المهدي وتشرق من فوق حمام الجلاء بصنعاء القديمة, ثم يقدم له كشفا بالكتب التي “ تمثل خطورة على الدولة والنظام ” التي يوصي بسحبها من المكتبات ليكلف هو اخيرا بشرائها والتخلص منها.
كانت وظيفة مربحة لكنها دنيئة بحسب زملائه آنذاك؟!
عن “خلودي” بعد أن صار وزيرا للثقافة, وصار الوزير “المثقف” والوزير الأكول, والوزير الولوع بمريم نور وبكوكب الشرق, وصاحب جوقة العيال الصغيرة والمقايل الرومانسية والليالي الملونة؟!
عن 12 مليار ريال وفرقة الاوكسترا الالمانية التي عزفت لليمنيين المعلقين في الجبال سيمفونيات بيتهوفن؟!
عن 700 مليون ريال وفله بيت بوس. وعن قصرين آخرين في حده وعصر ؟!
عن هدايا معارض الكتاب خلال فترة توزيره التي أقام منها مكتبة طويلة عريضة في منزلة ربما لم بقرأ منها كتابا وأحدا.
عن متحفه لأم كلثوم ، وعن أخراص ومناديل وشباشب وفساتين وحامورة شفايف أم كلثوم كم كان ثمنها؟!
وفي الورقة التالية كان مكتوب بخط يدي:
سؤال من ضوء كلام الدبلوماسي السابق الأستاذ الدكتور عادل باشراحيل.
كان يفرض الاتاوة والجباية على الموظفين والتجار وغيرهم بشهادة واعتراف كبار الشخصيات القيادية المسئولة العاملة عقود في وزارة الثقافة الذي شهدوا واكدوا ان وزراة الثقافة لم تشهد أقبح فساد علني ورسمي في زمنها اقبح واوسخ من عهد الوزير الرويشان؟!
وفي الورقة اللاحقة كان مكتوب بخط يدي نص الوردة المتوحشة لكي أناقشه عن النص ، أعدت قراءة النص..
” كان الشرطي يقود السيارة مغرقاً فـي صمته. وددت لو أنّ الطالب وجّه ثرثرته إليه، على الأقل، رحمة برقبته وبي”
ـــ هل تعرف..؟
أجبت عليه وقتها..
نعم أعرف ، لا بل أعرف كل شيء.
هذا النص لا ينتمي لعالم الورود في شيء بقدر ما هو حرضة واسعة من “العصيد المتورمة”
والعب يله..
وضعت الأوراق جانباً ونظرت للساعة ، أنها الثامنة مساء !! كيف مر الوقت سريعاً يا ترى ؟ لقد ذهب المغرب والعشاء ولم نشعر بذلك ! ذهب كل الوقت وخالد الرويشان مستمر بالحديث عن نفسه ، عدت مجدداً للتركيز في حديثهم ، هذه المرة هو يشتكي عن حالته المادية ، أحياناً لا يمكنة تسديد فاتورة الكهرباء لمنزله ، لقد وصل به الحال للأسوأ لكنه متمسك بمبادئه وشجاعته وبلده ، لن يتنازل عنها أبداً ، هكذا ظل يردد.
تعلمون ؟!
حالة النشوة تبدأ بالتراجع أذا وصل مفعول الكاثينون في القات الى ذروته ، هذه ميكانيزم القات المرتفعة والعائدة ، عند تراجع النشوة يشعر المرء بنفسه حزيناً فقيراً بائساً لا يملك فاتورة الكهرباء حتى لو كان يملك شركة سبأ للملاحة البحرية بحسب كلام عادل باشراحيل المنشور في موقع نبض الشارع بتاريخ 2016.03.30.
أحد الحاضرين قاطع وسأل عن رأي الرويشان في الرئيس هادي وطريقة هادي.
أجابه..
يجب على هادي الإستعانة بالجيش الوطني ، بإمكانه الأستعانة بالقوات التي في مأرب مثلاً لسحق المتمردين الإنفصاليين في عدن.
دعوه وشأنه ، سأخبركم بشيء…
أخبر رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين، أثناء مؤتمر يالطا في شباط 1945، بأن بابا الفاتيكان قد أعلن الحرب على هتلر، أجابه ستالين ساخرًا: «كم دبابة عند بابا الفاتيكان..؟».
أتت هذه السخرية من زعيم شيوعي يؤمن بالفكر الماركسي الذي يعتبر بأن السياسة تُقاس بالقوة المادية التي وراءها، السلاح مثلاً في الوقت الذي لا يملك بابا الفاتيكان أيّ جيش أو دبابة لمواجهة جيوش هتلر؛ ولكنه أخذ الموضوع ككبرياء.
ماذا لدى هادي أصلاً ليسحق بسلاح السعودية والأمارات من تدعمهم السعودية والأمارات.
عجيب هذا الأمر حقاً.
بقي الكثير لأخبركم به ولكني مللت ، مللت حقاً من تذكر ذلك اليوم السخيف ، لا أريد تذكر طريقته في اللغة الأنجليزية ، لا أريد أن أكره اللغة الأنجليزية لأني أعشقها ، يومها وددت لو أني صرخت في وجهه (Fuck the hell’s that we live in)
لا سبيل لنسيان مأساتي هناك سوى بأخباركم بها.
أتمنى لكم متعة دائمة.
قبل النهاية بقليل.
قال تدرون يا أصدقاء ، أن اليمنيين شعب جبار ، يجلب الحليب الطازج يومياً من السعودية ويوصله لليمن في الصباح الباكر وهو طازج ، هذه رغبة عظيمة نحو الحياة.
وقف مروان من أقصى المجلس وقال : الا تعلم.أن هناك شحنة من النفط الفاسد في السوق اليمني تم إدخالها بالصباح الباكر أيضاً ؟! الا تعلم أن هناك شعب يموت قتلاً وجوعاً وحصاراً وأنت ماذا !! لا ندري ماذا حقاً.
هل فعلاً أصبح كالجاموسه يتصرف بلا وعي ولا عقل؟!
” الساعة بخمسة جنيه. والحسابه بتحسب ” الراجل طلع من توبه, وبحسب عادل إمام ” الاوله حمار والثانية حمار والثالثه برضك حمار ”
وأخيراً سأسألكم شيئاً..
هل شاهدت بطريق المصادفة فيلم “فوزية البرجوازية” بطولة إسعاد يونس؟
أنا عارف انكو مشفتوهش وأصلاً مفيش داعي تشوفوه لأني خلاص قلت ليكو كل حاجة.
وأبئوا أبلوني لو هو فلح بحاجة كويسة.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.